قبل قليلٍ أثناء تصفّحي حالات برنامج الوتس أب . . لأجد إحدى معارفي قد وضعت حالةً تُخبر فيها عن وفاة أبيها . . رحمه الل . .
هنئيًا لكَ أيّها الجدُّ رحمك اله بتلك الابنةِ التي حملت همّك طِوال فترة مرضك . . بل وحملت همومنا جميعًا.
أحلام ستّو . . كم لذلك الاسم من حنينِ ذكرياتٍ في فترة الجامعة . . إحدى أسوأ الفترات التي مرّت علي في حياتي . . لقد كانت أمًّا للجميع . . امرأةٌ في الخامسةِ والأربعينَ . . تبث روح الأمل في شبابٍ كانوا بعمر أولادها . . تبذل وتعمل . . تعملُ في الإجازةِ . . وفي الصباحِ قبل الجامعةِ . . وفي المساءِ بعد الجامعة . . شعارها . . لا تيأس . . ففي المشوارُ متسعٌ لخطوةٌ أخرى . .
كنت أتخيّل نفسي . . وقد هاجمتني كُلُّ تلك الأفكار . . وأنا من انا ؟ .. ذلك الفاشل الذي غيّر تخصصه ثلاث مرّاتٍ . . أجلسُ في الركنِ وحيدًا أبكي . . فجأة . . صوتٌ من هناك يخبرني أنني ما زلتُ قادرًا على فعل المزيد.
مات عنها زوجها صغيرة . . رعت أيتامًا . . ولما كان بكرها انس) يشتّدُ عوده . . أخذ يعايرها وينعتها بما لا يخطرُ على بالٍ من عباراتٍ لا تخرجُ من قلبِ ابنِ لأمّه . . يا الله! . . أتخيلُ حالها . . أبٌ متعبٌ قد شارف على السبعين. . وابنٌ عاقٌّ . . وزوجٌ ثاوٍ تحت التراب . .
أخبرتها مرّةً . . بعد معاناتنا في حجزِ مكانٍ في باص مادبا . . أخبرتها أنني مستعدٌ أن اكونَ لها الابن الذي لطالما حلمت به . . كنتُ أحبّها . . وكانت أمًّا لي . . لقد . . لقد صنعت ذلك الفارق في حياتي . . لقد كانت المظلة التي وقتني من الارتطامِ من سفحِ الفشلِ بالارضِ بعد سقوطي . .
الوحدة قاسية . . وأقسى أنواعها . . تلك الوحدة التي تأتي على صورةِ أشخاصٍ خاوينَ لا لون . . ولا طعمَ. . ولا رائحةَ لهم . . حولك الكثير لكنَّ مساحةً فارغةً سوداءَ مثقبٍ أسودِ لا تنفكُ تكبرُ حتى تبتلعَ كُلَّ شيء . .
رحمكَ الله أبا عثمان . . وأسكن آباء المسلمينَ فسيح الجنان . . وأعان الله أمّي على ما تعاني . .
ليت الأباء . . لا يمرضون . . ولا يكبرون . . ولا يشيخون . . ولا يموتون . .ليت ..!
لقد مات ..
النورس الأسود
قبل قليلٍ أثناء تصفّحي حالات برنامج الوتس أب . . لأجد إحدى معارفي قد وضعت حالةً تُخبر فيها عن وفاة أبيها . . رحمه الل . .
هنئيًا لكَ أيّها الجدُّ رحمك اله بتلك الابنةِ التي حملت همّك طِوال فترة مرضك . . بل وحملت همومنا جميعًا.
أحلام ستّو . . كم لذلك الاسم من حنينِ ذكرياتٍ في فترة الجامعة . . إحدى أسوأ الفترات التي مرّت علي في حياتي . . لقد كانت أمًّا للجميع . . امرأةٌ في الخامسةِ والأربعينَ . . تبث روح الأمل في شبابٍ كانوا بعمر أولادها . . تبذل وتعمل . . تعملُ في الإجازةِ . . وفي الصباحِ قبل الجامعةِ . . وفي المساءِ بعد الجامعة . . شعارها . . لا تيأس . . ففي المشوارُ متسعٌ لخطوةٌ أخرى . .
كنت أتخيّل نفسي . . وقد هاجمتني كُلُّ تلك الأفكار . . وأنا من انا ؟ .. ذلك الفاشل الذي غيّر تخصصه ثلاث مرّاتٍ . . أجلسُ في الركنِ وحيدًا أبكي . . فجأة . . صوتٌ من هناك يخبرني أنني ما زلتُ قادرًا على فعل المزيد.
مات عنها زوجها صغيرة . . رعت أيتامًا . . ولما كان بكرها انس) يشتّدُ عوده . . أخذ يعايرها وينعتها بما لا يخطرُ على بالٍ من عباراتٍ لا تخرجُ من قلبِ ابنِ لأمّه . . يا الله! . . أتخيلُ حالها . . أبٌ متعبٌ قد شارف على السبعين. . وابنٌ عاقٌّ . . وزوجٌ ثاوٍ تحت التراب . .
أخبرتها مرّةً . . بعد معاناتنا في حجزِ مكانٍ في باص مادبا . . أخبرتها أنني مستعدٌ أن اكونَ لها الابن الذي لطالما حلمت به . . كنتُ أحبّها . . وكانت أمًّا لي . . لقد . . لقد صنعت ذلك الفارق في حياتي . . لقد كانت المظلة التي وقتني من الارتطامِ من سفحِ الفشلِ بالارضِ بعد سقوطي . .
الوحدة قاسية . . وأقسى أنواعها . . تلك الوحدة التي تأتي على صورةِ أشخاصٍ خاوينَ لا لون . . ولا طعمَ. . ولا رائحةَ لهم . . حولك الكثير لكنَّ مساحةً فارغةً سوداءَ مثقبٍ أسودِ لا تنفكُ تكبرُ حتى تبتلعَ كُلَّ شيء . .
رحمكَ الله أبا عثمان . . وأسكن آباء المسلمينَ فسيح الجنان . . وأعان الله أمّي على ما تعاني . .
ليت الأباء . . لا يمرضون . . ولا يكبرون . . ولا يشيخون . . ولا يموتون . .ليت ..!
21/1/2019 . . 2:24 م .